نداء حقوقي لنعمل معا: من اجل ايقاف نزيف الدم المتواصل في سورية.

دمشق في 10\12\2014

بمناسبة مرور الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الانسان

نداء حقوقي

 لنعمل معا:

من اجل ايقاف نزيف الدم المتواصل في سورية

ومن اجل ايقاف الكارثة الانسانية وانصاف الضحايا في سورية

 في العاشر من كانون الاول من كل عام, تمر الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تم اعتماده ونشره على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 10 كانون الاول 1948بباريس,بموجب قرار الجمعية العامة 217 أ ( د – 3 )،بدواعي ضرورة الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع اعضاء الاسرة البشرية وبحقوقهم الثابتة، على أساس الحرية والعدل والسلام في العالم،وايمانا بحقوق الانسان الاساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية، وان تتعهد الدول الاعضاء في الامم المتحدة على ضمان مراعاة حقوق الانسان والحريات الاساسية واحترامها، من دون تمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأي السياسي او اي رأي او الاصل الوطني او الاجتماعي او الثروة او الميلاد او اي وضع اخر دون تفرقة بين الرجال والنساء. فلكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه ولا يجوز استرقاق او استعباد اي شخص ويحظر الاسترقاق وتجارة العبيد بجميع اوضاعهما، وان لا يعرض اي انسان للتعذيب ولا للعقوبات او المعاملات القاسية او اللاإنسانية التي تحط من الكرامة البشرية، كما ان لكل انسان اينما وجد الحق بالاعتراف بشخصيته القانونية، وان جميع الناس سواسية امام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة من دون اية تفرقة، كما ان لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد اي تمييز وأي تحريض يخلان بهذا الاعلان.

تمر الذكرى السادسة والستون على سورية التي تعيش ازمة وطنية شاملة مسدودة الافاق,منذ حوالي اربعة اعوام وحتى الان, حيث تنتشر مظاهر العنف والقتل والتدمير على مجمل الاراضي السورية, وترتكب افظع وابشع الانتهاكات بحق الانسان وآدميته, وتنتهك جميع حقوقه الفردية والجماعية ,نتيجة استمرار وتصاعد الاشتباكات المسلحة واعمال العنف الدموية  في مختلف المدن السورية, المترافقة مع القصف المدمر من قبل طيران التحالف الدولي على العيد من الاحياء والابنية في دير الزور والرقة وريف حمص وريف حلب وكوباني”عين العرب, والقصف بالبراميل المتفجرة والصواريخ من قبل الجيش الحكومي على مختلف المدن السورية, وسقوط القذائف العشوائية من قبل مسحلي المعارضة السورية والتي طالت احياء عديدة ومناطقة سكنية, اضافة لكل ذلك, فقد وقعت العديد من المجازر الوحشية في العديد من المدن السورية (حلب وريفها-ادلب وريفها-حماه وريفها-حمص وريفها-ريف اللاذقية-ريف دمشق-ريف درعا-ريف السويداء-الرقة-دير الزور-الحسكة-راس العين-عين العرب”كوباني”-) وحصلت عدة تفجيرات إرهابية (ريف دمشق-حمص-ريف حماه-ريف ادلب-ريف حلب-الحسكة-القامشلي-درعا-السويداء), فضلا عن ذلك, ازدياد التدهور على الصعد الحياتية والمعاشية و الاقتصادية والاجتماعية للسوريين, والحصار الشديد حول بعض المدن التي تعرضت للقصف العشوائي المدمر, مما أعاق وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين وخاصة الذين أصبحوا بدون أي مأوى لهم في المناطق المتوترة, بالطبع  ترافقت هذه الحالة المأساوية مع فقدان الكثير من المواد الأساسية والضرورية لمعيشة السوريين وفي مقدمتها الخبز والطحين والسكر والرز وحليب الأطفال والأدوية ولقاحات الأطفال والغاز والكهرباء والوقود والاتصالات بأنواعها, ومواد أخرى, إضافة للارتفاع الجنوني لأسعار كافة المواد الاستهلاكية التي يحتاجها المواطن السوري, وما زاد الامر سوءا  وكارثة, ما ساهمت به العقوبات التي تتعرض إليها سورية, بسبب الأحداث الدامية, بزيادة الآثار السلبية والكبيرة على الوضع الاقتصادي والمعاشي للمواطنين السوريين, واتسعت دوائر الفقر والبطالة والغلاء. ونتيجة لهذا الوضع المأساوي والكارثي ولحجم التدمير والخراب فقد سقط الآلاف من الضحايا بين قتلى وجرحى من مدنيين وعسكريين. وتعرض الآلاف من المواطنين السوريين للاعتقال التعسفي, من قبل مختلف الأجهزة الأمنية الموجودة في سورية, مع استمرار عمليات التعذيب وإساءة المعاملة من وسائل التحقيق المعتمدة في مراكز التوقيف المختلفة, والإعدامات خارج القانون وبمحاكمات استثنائية وميدانية لا تتوفر فيها أي شرط من شروط المحاكمات العادلة, علاوة على قيام جهات مسلحة وغير حكومية بالاعتقال والاختطاف والمحاكمات وتنفيذ أحكاما تستند على وجهات نظر وشرعيات أصحابها. وتعرض الآلاف من السوريين للاختفاء القسري والتهديد الدائم بالحق في الحياة والأمان الشخصي. وهجرة عشرات الآلاف من المواطنين السوريين إلى خارج سورية, ولجوؤهم إلى أماكن أكثر أمانا وأمنا, مع الغياب التام لأي شعور بالأمان والأمل لدى السوريين جميعا, بأي حل سلمي للازمة السورية في الأفق القريب.

وتتوافق مناسبة صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مع صدور إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان بتاريخ 9 ديسمبر/ كانون الأول 1998 الذي استهدف الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع المدني بتأكيده على حقوقهم ومسؤولياتهم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها على الصعيد المحلي والدولي، مبينا كل أشكال الاضطهاد التضييق والتشويه للسمعة والملاحقة والاعتقال والتعذيب والقتل, التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، بسبب دورهم ونشاطهم.

إننا في الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان , إذ نعلن عن تضامننا الكامل مع أسر الضحايا السوريين جميعا, فإننا نتوجه بالتعازي الحارة والقلبية, لجميع من سقطوا من المواطنين السورين ومن المدنيين والشرطة والجيش ,ومع تمنياتنا لجميع الجرحى بالشفاء العاجل, فإننا ندين ونستنكر جميع ممارسات العنف والقتل والاغتيال ,أيا كانت مصادرها ومبرراتها, وكذلك فإننا ندين ونستنكر بشدة الاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية وعمليات الخطف بحق المواطنين السوريين ،أيا تكن الجهة التي ترتكب هذه الانتهاكات, ونبدي قلقنا البالغ على مصير المختفين قسريا ,بحيث أضحى هنالك ملفا واسعا جدا يخص المفقودين.

وبسبب فظاعة الاحداث ودمويتها وحجم التدمير الهائل الذي اصاب كل مكونات الحياة السورية,و نتيجة للتشابكات والتعقيدات المحلية والإقليمية والدولية التي تتحكم بالأزمة السورية, وبهذه المناسبة الجليلة, فإننا في الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان , فقد كنا ومازلنا  متمسكين بالنداء الذي وجهناه,ولمرات عديدة,  إلى جميع الأطراف المعنية الإقليمية والدولية, من اجل تحمل مسؤوليتهم تجاه شعب سوريا ومستقبل المنطقة ككل.ومطالبين اياهم بالعمل الجدي والسريع من اجل التوصل إلى حل سياسي سلمي للازمة السورية, ولإيقاف  نزيف الدم والتدمير, عبر توافقات دولية ملزمة ,تسمح بإصدار قرار دولي  ملزم, يتضمن:

الوقف الفوري لإطلاق النار على كامل الجغرافيا السورية، متضمناً آليات للمراقبة والتحقق وحظر توريد السلاح,مع مباشرة العملية السياسية عبر الدعوة لمؤتمر وطني  يشارك فيه جميع ممثلي التيارات السياسية والشبابية والنسائية  وتحت رعاية إقليمية ودولية ,ويؤدي الى وضع ميثاق وطني لسورية المستقبل، وإعلان دستوري مؤقت، والتوافق على ترتيبات المرحلة الانتقالية إلى نظام ديمقراطي.

 

وإننا ندعو جميع الأطراف الحكومية وغير الحكومية للعمل على:

 

  1.     الوقف الفوري لدوامة العنف والقتل ونزيف الدم في الشوارع السورية, آيا كانت مصادر هذا العنف وآيا كانت أشكاله ومبرراته.
  2.     إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين, وجميع من تم اعتقالهم بسبب مشاركاتهم بالتجمعات السلمية التي قامت في مختلف المدن السورية, ما لم توجه إليهم تهمة جنائية معترف بها ويقدموا على وجه السرعةً لمحاكمة تتوفر فيها معايير المحاكمة العادلة.
  3.     العمل السريع من اجل  إطلاق سراح كافة المختطفين, من النساء والذكور والاطفال ,أيا تكن الجهات الخاطفة .
  4.     الكشف الفوري عن مصير المفقودين, من النساء والذكور والاطفال,بعد اتساع ظواهر الاختفاء القسري, مما أدى الى نشوء ملفا واسعا جدا يخص المفقودين السوريين
  5. العمل على مناهضة كافة أشكال ومظاهر العنف والتعصب على المستويين الحكومي وغير الحكومي والشعبي في سورية, وإشاعة ثقافة السلم المجتمعي والتسامح والتقاليد الديمقراطية الحقيقية.
  6. إعلاء شأن مبدأ الحق في الاختلاف واحترام هذا الحق، وتطبيقه على أرض الواقع، والدفاع عن استمراره وتغذية ثقافة الاختلاف بما هي إغناء ودعم لصنع مناخات الديمقراطية الملائمة.
  7. الإعلاء من شأن قيم حقوق الإنسان والمواطنة والديمقراطية والتسامح، وفي مقدمتها الحق في المعتقد، دينياً كان أو غيره، والحق في حرية الرأي والتعبير عنه، والحق في التنظيم النقابي والتجمع السلمي والتعددية السياسية.
  8. بذل كافة الجهود الوطنية السورية للانتقال تدريجيّاً بالبلاد من حالة فوضى المكونات الطائفية والاثنية والقومية الى دولة العيش المشترك وثقافتها القائمة أصلا على الاعتراف بالآخر المختلف، والقدرة على الشراكة معه والتضامن، واعتبار التنوع مصدراً لإغناء الشخصية الفردية والجماعية، الى نبذ العنف والتداول السلمي للسلطة
  9.     تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة ومحايدة ونزيهة وشفافة بمشاركة ممثلين عن المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية, تقوم بالكشف عن المسببين للعنف والممارسين له, وعن المسئولين عن وقوع ضحايا ( قتلى وجرحى ), سواء أكانوا حكوميين أم غير حكوميين, وأحالتهم إلى القضاء ومحاسبتهم.
  10.          العمل من اجل تحقيق العدالة الانتقالية  عبر ضمان تحقيق العدالة والإنصاف لكل ضحايا الأحداث في سورية,وإعلاء مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب ,كونها السبل الأساسية التي تفتح  الطرق السليمة لتحقيق المصالحة الوطنية، ومن أجل سورية المستقبل الموحدة والتعددية والديمقراطية, مما بتطلب متابعة وملاحقة  جميع مرتكبي الانتهاكات, سواء أكانوا حكوميين أم غير حكوميين, والتي قد ترتقي بعض هذه الانتهاكات الى مستوى الجرائم ضد الإنسانية, وإحالة ملف المرتكبين الى المحاكم الوطنية والدولية.
  11.          دعم الخطط والمشاريع التي تهدف الى إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا وتخصيص موارد لدعم مشاريع إعادة الأعمار والتنمية والتكثيف من مشاريع ورشات التدريب التي تهدف الى تدريب القادة السياسيين السورين على العملية الديمقراطية وممارستها ومساعدتهم في إدراج مفاهيم ومبادئ العدالة الانتقالية  والمصالحة الوطنية في الحياة السياسية في سوريا المستقبل على أساس الوحدة الوطنية وعدم التمييز بين السوريين لأسباب دينية او طائفية او قومية او بسبب الجنس واللون او لأي سبب اخر وبالتالي ضمان حقوق المكونات وإلغاء كافة السياسات التميزية بحقها وإزالة أثارها ونتائجها  وضمان مشاركتها السياسية  بشكل متساو
  12.          ولآن القضية الكردية في سوريا هي قضية وطنية وديمقراطية وبامتياز ,ينبغي دعم الجهود الرامية من أجل إيجاد حل ديمقراطي وعادل على أساس الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي ,ورفع الظلم عن كاهله وإلغاء كافة السياسات التمييزية ونتائجها والتعويض على المتضررين عنها ضمن إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا, وهذا يسري على جميع المكونات الأخرى وما عانته من سياسيات تمييزية بدرجات مختلفة.
  13.          تلبية الحاجات والحياتية والاقتصادية والإنسانية للمدن المنكوبة وللمهجرين داخل البلاد وخارجه وإغاثتهم بكافة المستلزمات الضرورية.
  14.          بلورة سياسات  سورية جديدة و إلزام كل الأطراف في العمل للقضاء على كل أشكال التمييز بحق المرأة من خلال برنامج للمساندة والتوعية وتعبئة المواطنين وتمكين الأسر الفقيرة ,وبما يكفل للجميع السكن والعيش اللائق والحياة بحرية وأمان وكرامة, والبداية لن تكون إلا باتخاذ خطوة جادة باتجاه وقف العنف وتفعيل الحلول السياسية السلمية في سورية ،من اجل مستقبل امن وديمقراطي.
  15.          قيام المنظمات والهيئات المعنية بالدفاع عن قيم المواطنة وحقوق الإنسان في سورية,باجتراح السبل الآمنة وابتداع الطرق السليمة التي تساهم بنشر وتثبيت قيم المواطنة والتسامح بين السوريين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم , على أن تكون بمثابة الضمانات الحقيقية لصيانة وحدة المجتمع السوري وضمان مستقبل ديمقراطي آمن لجميع أبنائه  بالتساوي دون أي استثناء.

دمشق في 10\12\2014

 

الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان